تمّ رسم الأخ “جوزيف إنخ بتار” العام 2016 في كاتدرائية مار بطرس وبولس في أولانبتار. وهو أول كاهن محلي في البلاد. ويتواجد أقل من 2000 كاثوليكي في منغوليا منذ بدء العمل التبشيري بجدية أي منذ حوالي ال25 سنة، لكن أعدادهم تتزايد باستمرار، ولو ببطء. وفي حين أنّ المقاعد في الدول الكاثوليكية تقليديا فارغة، تزدهر التحولات في الأماكن غير المتوقّعة من العالم.
على سبيل المثال دولة السويد حيث تأسست كنيسة الدولة اللوثرية، أي مثل كنائس إنجلترا، في القرن السادس عشر بموجب مرسوم ملكي. وتمّ بعد ذلك حظر الكنيسة الكاثوليكية وتم القضاء عليها. وعلى الرغم من أن دولة السويد علمانية إلى حد بعيد (أقل من 30٪ من السويديين يصفون أنفسهم بأنهم متدينون)، فإن إرث الإصلاحيين لا يزال يسبب عوائق للكنيسة.
“المستوى العام للمعرفة حول الكاثوليكية منخفض للغاية في السويد، مع الكثير من الانحياز والتحامل”، بحسب المسؤولة عن الاتصالات في أبرشية ستوكهولم كريستينا هيلنر.
لكن الكاثوليكية هي من الديانات الأسرع نموا في البلاد. إذ نجد 116000 كاثوليكيا في السويد، و 4000 مسجلين جدد كل عام ونحو 100 متحول من الشباب. وفي الواقع، يعتقد مسؤولو الكنيسة أنّ العدد الفعلي يُمثّل ضعف هذا الحجم: فهو لا يضمّ المهاجرين واللاجئين والأشخاص الذين يستعدون لنيل المناولة الأولى. على أية حال، السويد إحدى الدول الأوروبية القليلة التي تنمو فيها الكنيسة.
واعترافا بتقدم الكنيسة المثير للدهشة في السويد، عيّن البابا فرنسيس أندرس أربوريليوس أول كردينال سويدي في حزيران الماضي. وتقول هيلنر: “إنّ الكاردينال أربوريليوس يحظى بشعبية كبيرة بين الصحفيين، وقد تمّت مقابلته في كل مكان”. هذا ومنحته أكبر مجلة إخبارية في البلاد “فوكوس”، لقب “السويدي لهذا العام” سنة 2017.
وتضيف هيلنر: “لقد تحول الكثير من الكاثوليك التقليديين والمحافظين في رعيتنا من الكنيسة السويدية اللوثرية”، مشيرة إلى “أنهم يكونون في أغلب الأحيان الأكثر نشاطا على وسائل التواصل الاجتماعي”. ووفقا للأبرشية، تم استقبال 70 شخصا من الذين يستعدون لنيل المناولة الأولى في الكنيسة في عيد الفصح هذا.
وبينما يتدفق المهاجرون واللاجئون العرب على حدود أوروبا، ينتقل الكاثوليك والفلبينيون والهنود والسوريون واللبنانيون والنيجيريون والفرنسيون إلى دول الخليج بحثا عن العمل في صناعة النفط المزدهرة. وربما تكون الإمارات الأكثر تحررا لجهة السماح للعمال الأجانب بممارسة عقيدتهم.
لقد نمت الكاثوليكية بسرعة في دولة الإمارات العربية المتحدة في العقود الأخيرة. ففي العام 1965، منحت الإمارات الإذن للكنيسة لبناء رعية واحدة ومدرسة واحدة في دبي لخدمة احتياجات مؤمنيها. واليوم هناك ما يزيد عن 700000 كاثوليكي و 40 كاهن و 10 أبرشيات هناك. وتضمّ دبي وحدها 300000 كاثوليكي.
في العام 2015، اجتمع كبار رجال الكنيسة – بمن فيهم وزير خارجية دولة الفاتيكان بييترو بارولين – لافتتاح كنيسة القديس بولس، وهي الأبرشية الكاثوليكية الثانية في عاصمة البلاد. وقال وزير الثقافة الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان في خطاب ألقاه في حفل الافتتاح: “إن قيادتنا تعرف ثروتها الحقيقية وتقبل الالتزام باحترام وفهم المعتقدات الدينية العديدة للناس الذين يعيشون في هذا البلد”.
وبالطبع، تُعتبر ظروف التبشير أبعد ما تكون عن المثالية. فالإسلام هو الدين الرسمي وقوانين دولة الإمارات العربية المتحدة مبنية على الشريعة. الارتداد عن الدين هو جريمة يعاقب عليها بالإعدام، وهذا هو السبب في أن جميع الكاثوليك هم مولودون في الخارج. لكن الإمارات تعتمد على العمال الأجانب: فأكثر بقليل من 10% من المقيمين هم مواطنون إماراتيون. وثمة ما يدعو إلى الاعتقاد بأن الشعب الكاثوليكي هناك سيستمر في النمو، ويأمل أن تمنح الإمارات العربية المتحدة الأقليات الدينية حرية أكبر في الدين من أجل جذب المهاجرين الذين هم في أمس الحاجة إليها.
علاوة على ذلك، تُعتبر كوريا الجنوبية البلد الآخر الذي تتزايد فيه الكاثوليكية على الرغم من الاضطهاد التاريخي الوحشي. وكان للكنيسة وجود في شبه الجزيرة منذ حوالي 250 سنة، وفي فترة المئة الأولى، شهدت موجات من المبشرين والمُتحولين الذين استشهدوا من قبل سلالة جوسون. لكن الكاثوليك اكتسبوا احترام المواطنين عندما احتشدوا للقضية المعادية للشيوعية خلال الحرب الكورية.
أمّا اليوم، ف10% من الكوريين الجنوبيين هم من الكاثوليك – وهذه أعلى نسبة في أي بلد آسيوي باستثناء الفلبين. إن اقتصاد البلد المزدهر والمكانة الدولية القوية ونظام التعليم المحترم يجعل منها مركزا مثاليا للتبشير بالإنجيل في آسيا. ويشارك في البعثات نحو 1000 كوري من الكهنة والدينيين والعلمانيين ومعظمهم في بابوا غينيا الجديدة وتايوان والصين ونيوزيلندا وكمبوديا وروسيا وموزمبيق.
وتتمتع الكاثوليكية أيضا بشيء من النهضة في الجزائر. فقد كانت الكنيسة قد انقرضت تقريبا في ظلّ الأسلمة في القرن السابع وظهور الاستعمار الفرنسي في القرن التاسع عشر. كما أنّ تواصل الرابطة الثقافية للكنيسة مع الفرنسيين جعل الحياة صعبة بالنسبة للكاثوليك. وفي وقت سابق من هذا العام، أعلن الفاتيكان الاعتراف بالأسقف وال18 راهبا الذين تعرّضوا للاغتيال على يد المتطرفين في التسعينيات كشهداء.
وتشكل نسبة المسلمين في البلاد 99 %، والإسلام هو دينها الرسمي. ومع ذلك، تفتخر الجزائر بثالث أعلى نسبة تحول إلى المسيحية في أفريقيا بعد نيجيريا وإثيوبيا – وكلاهما يضمّان أكبر عدد من المجتمعات المسيحية. وتختلف تقديرات عدد الكاثوليك على وجه التحديد من بضع مئات إلى عدة آلاف. كما أنّ العديد من المتحولين لا يغيرون دينهم بشكل قانوني، خوفا من اتهامات الارتداد – وإيمان الإمبرياليين.
إذا، صحيح أن الدول التي يغلب عليها الطابع الكاثوليكي اليوم (مثل المكسيك والفلبين) قد تكون معدلات النمو فيها أسرع من غيرها. ولكن من يعلم؟ فلننتظر الألفيه. قد يقوم المنغوليون بتأسيس بعثات في فرنسا، وقد يعنى السويديون بتعليم البرازيليين.