في انتظار تقنين الأوضاع استمرار مسلسل التحرش بالكنائس ! !
إما أن هناك نية مبيتة لجر مصر إلي مسلسل مشاكل الكنائس وحق الأقباط في الصلاة, أو أن هناك تسيبا وتقاعسا ولامبالاة من سائر مستويات المسئولين إزاء انفلات واندفاع الإدارة للإضرار بالكنائس القائمة رغم أنف القانون. فلم نكد نفرغ من إثارة وقائع إغلاق ثلاث كنائس في المنيا وكنيسة في سوهاج الشهر الماضي -وكلها كنائس مقدمة أوراقها إلي لجنة تقنين أوضاع الكنائس- حتي انضمت إلي الطابور الأسبوع الماضي كنيسة البابا كيرلس بشبرا الخيمة والتي تقام فيها الصلوات منذ عامين وأيضا مقدمة أوراق تقنين وضعها إلي اللجنة المذكورة, لكن يفاجأ القائمون عليها وشعبها بمندوبي شركة الكهرباء يقدمون علي قطع التيار الكهربائي عنها دون تسليمهم أي قرار رسمي بذلك ودون وجود أي مخالفة تبرر ذلك الإجراء الغريب المباغت!!
وكما حدث في المنيا هرع كهنة الكنيسة وشعبها فور علمهم بقطع التيار الكهربائي عنها للاعتصام فيها تخوفا من أن يكون ذلك الإجراء من جانب شركة الكهرباء توطئة لغلقها أو هدمها, وطبعا صاحب ذلك انفجار مشاعر الغضب والاحتجاج وكاد الأمر يخرج عن حدود السيطرة وينذر بعواقب وخيمة لو أدي إلي اشتعال اشتباك طائفي في المنطقة, لولا تدخل نيافة أنبا مرقس أسقف شبرا الخيمة ومطالبته الجميع بالهدوء ووقف الصلوات في الكنيسة لوأد الفتنة لحين بحث الأمر مع المسئولين.
إذا نحن أمام نفس السيناريو البغيض يتكرر وكأن هناك مخططا إجراميا لإشعال الفتنة الطائفية في مصر… اندفاع غير مسئول وغير مفهوم وغير قانوني من جهة الإدارة للتعرض للكنائس الجاري بحث حالاتها وأوراقها الرسمية من جانب لجنة تقنين أوضاع الكنائس غير المرخصة, وفي كل مرة يقع عبء تهدئة الغضب وامتصاص الاحتجاج علي الأقباط أنفسهم ويتم ترك المسئولين سواء ممثلي الإدارة أو الأمن دون مساءلة أو حساب… في كل مرة يتم مطالبة قيادات الأقباط وممثليهم الدينيين بالرضوخ للغبن الواقع عليهم وتغليب المصلحة الوطنية وقطع الطريق علي دعاة الفتنة, ثم لا يحدث أي شئ لترسيخ حقوقهم في الصلاة بإعادة فتح كنائسهم أو حتي بالإسراع في إجراءات تقنين أوضاعها!!
هذا السيناريو البغيض يذكرني بمقولة: قبل أن تقول للباكي لا تبك قل للضارب لا تضرب… لكننا للأسف نستمرئ منع الباكي من البكاء لئلا يصل صوته إلي أي محفل ويضر بسمعة مصر, وفي المقابل نترك الضارب يفلت ويهنأ بفعلته!!
إنني أهدي واقعة التحرش بكنيسة البابا كيرلس بشبرا الخيمة إلي رئيس الوزراء وإلي وزيري الداخلية والتنمية المحلية ليضموها إلي طلب الإحاطة الذي تقدمت به النائبة البرلمانية نادية هنري إلي رئيس مجلس النواب بشأن أحداث المنيا الأخيرة التي شهدت إغلاق عدد من الكنائس مطالبة بتحويله إلي لجنة الدفاع والأمن القومي لمناقشته… وأرجو ألا نسمع تعليقا علي ما حدث كلاما فضفاضا مزركشا من نوعية مصر بلد الأمن والأمان يتمتع أقباطها ومسلموها بحقوق متساوية يكفلها الدستور والقانون… أو من نوعية مصر تمر بظروف دقيقة وأمامها تحديات خطيرة في حربها ضد الإرهاب ولا يصح إثارة تلك النعرات الطائفية التي يستخدمها أعداء مصر في النيل منها وتشويه صورتها… أو من نوعية هذه أحداث فردية لا تمس الغالبية العظمي من الأقباط الذين يتمتعون بحرية الصلاة وإقامة الشعائر الدينية… أو من نوعية مصر حريصة علي إعلاء مبدأ المواطنة وترسيخ ثقافة التعددية وقبول الآخر… إذ أن ذلك الكلام الفضفاض لا يصلح لغض النظر عن مناطق الالتهاب وبؤر التطرف وتقاعس المسئولين, بل ينبغي الاعتراف بشجاعة بالمشاكل وعلاجها وأي مشكلة تمس حفنة صغيرة من المواطنين في أي مكان ناء في مصر تظل مشكلة تستدعي المواجهة والحل بغض النظر عن شيوعها أو استفحالها من عدمه.
كما أتمني ألا يكون مجلس النواب بصدد إرسال وفد في زيارة للخارج في المستقبل القريب أو يكون مزمعا استقبال وفود برلمانية من الخارج تزور مصر لئلا نعود ونقع في حرج مناقشة أمور الأقباط وكنائسهم التي تجلب علينا المآزق السياسية ونضطر معها للتجمل ونفي الواقع إذا سئلنا عنه, وحتي إذا واتت الشجاعة نائبة برلمانية قبطية وتحدثت بوطنية وصدق يتم الغلوشة عليها والتعتيم علي ما قالته وتضطر لتصحيح موقفها إزاء ما أصابها من هجوم من جراء ذلك… إن ذلك المشهد برمته يذكرني بمقولة يرضين بالفحشاء ويخشين الفضيحة!!!
هذا الخبر منقول من : وطنى