كعادته في نفس التوقيت من كل عام، يطوف محيط كنيسة الجيوشي بأرض شبرا الطيبة وسط احتفاء المسلمين قبل الأقباط، إنه سريع الندهة البطل الشهيد "مارجرجس الروماني".
وسط زحام شديد من محبيه والحضور لمشاركة ختام الاحتفال السنوي _ اصطف الشمامسة في ثياب أبيض أشبه كثيرًا بالملائكة أطفال وشباب، رافعين صورا للشهيد الروماني مهللين بالمديح: السلام لك ياجورجيوس.
بين هؤلاء شاب يحتضن الأنبوبة الخشبية المحفوظ داخلها جزء من رفات "عظام" الشهيد، شرف ناله ذاك الشاب من بين هؤلاء المحظوظين، اقتنص بين يديه كنزا يحج إليه آلاف الزائرين ليتباركوا منه عبر المقصورة الزجاجية التي يوضع بها أنبوب رفات القديس، والمفعم برائحة الطيب وهي الزيوت العطرية الموضوعة عليه.
ما بين من يحملون صورة كبيرة للشهيد مارجرجس الروماني، وصور أخرى تحيطها الورود والريحان نوعًا من التكريم، تتصارع أيادي الوقوف في بهو الكنيسة استعدادا للانطلاق في مسيرة الزفة _ الطواف بالجسد والصور في الشوارع المحيطة بالكنيسة.
مزيج مُختلط بين البخور المتصاعد من شورية (مبخرة) التي يمسك بها القمص صليب متى وكهنة الكنيسة وزغاريد النساء احتفاء بالقديس، وترنيم الشمامسة التمجيد والتسبيح.
وخلال الصلوات يظهر أطفال يتحدون الزحام في محاولة لنيل بركة الروماني، مقتحمين موكب الكبار وزخم الحضور من أجل لمسات بسيطة لأنبوبة الرفات وصورة الشهيد.
موكب البطل الروماني الذي يستقبله الأهالي بالزغاريد وهي تدوي كطلقات، فهو شهيد الأقباط وخضر المسلمين.
طاف الموكب مسرعًا دون تأمينات وإجراءات معهودة في مثل هذه المناسبات فلم يكن هناك سوى أفراد قليلين من قوات التأمين، كما لو كان الشهيد يحمي موكبه ويسرع في خطواته ليعود إلى مستقره في مقصورته الشهيرة بصحن الجيوشي من جديد.
طبول المارش والفرق الكشفية مع الشماريخ المضيئة في الانتظار ببهو الكنيسة لاستقبال الموكب بعد الزفة باحتفاء آخر، لم يرهب أحد من الحضور أو يعبأ بتهديدات الإرهاب الأسود الذي استهدف بيوت الصلاة.
رغم تكرار المشهد طوال سنوات عمر كنيسة الجيوشي الذي يتجاوز الـ 79 سنة لكنه كان مختلفا العام الحالي بأن البلاد لن تركع لتهديدات الدواعش وترهب الأقباط ولن تعرقل خطوات الشهداء في الاحتفال بأعيادهم.
عاد الموكب ليطوف الكنيسة 3 مرات ويسكن الرفات مستقر البركات في المقصورة المخصصة التي تحمل صورة الشهيد ويغلق عليها الأقفال التي لم تمنع البركات عن الطالبين والسائلين